العنف السياسي ضد المرأة موضوع ندوة الليبرالية الأممية بمراكش.
شاركت الدكتورة فوزية البيض يوم السبت 12 نونبر2016 بعرض في مائدة مستديرة حول العنف السياسي اتجاه النساء وقضايا النوع الاجتماعي بموازاة مع اشغال كوب 22 بمراكش وذلك انطلاقا من شراكة بين لجنة المرأة ولجنة حقوق الانسان بالليبرالية الأممية والمعهد الوطني الديمقراطي مكتب واشنطن بتنسيق مع السيدة دجين رئيسة مكتب NDI بالرباط.
هذا وانصبت مداخلة الدكتورة البيض حول مظاهر وأشكال العنف السياسي الذي يمارس عبر العالم ضد المراة، مع التركيز على أوجه العنف والتمييز في الفضاء السياسي و تقليد الاستفراد بصنع القرار خاصة في الدول التي لا تعرف تطورا ولا استقرارا سياسيا نتيجة حروب أهلية أو صراعات حول السلطة، حيث يدفع التناحر من اجل اكتساب المراتب المتقدمة إلى التراجع عن المكتسبات الحقوقية والى انتكاسات حقوقية في تمثيلية النساء في المجالس المنتخبة حيث تهيمن صورة المركزية الذكورية على مباديء حقوق الانسان وثقافة المساواة المتحضرة والمتمدنة التي لا تبرح مستوى الخطاب.
إن المدخل الحقيقي، لتحقيق ثورة ناعمة، هو عمل القيادات الكارزماتية داخل الاحزاب على خلق جو اسري يطبعه التوازن الاجتماعي في المجال السياسي حيث تجد كل الأطر الشبابية والنسائية منها مكانتها في المؤسسات السياسية. ناهيك على أن الحقل السياسي هو فضاء طبيعي للتدافع، للاختراق، للطموح ولبسط السلطة السياسية. وإذا ما كانت هناك سلوكيات تحيد عن أخلاقيات السياسية وعن روح المنافسة الشريفة فإن ذلك يتطلب مواجهة التخلف بروح الثقة العالية في النفس. فالتغيير في كل المجتمعات يخضع لمبدئي التدرج والتراكم، ويقوم على انخراط المجتمعات في زمن المعرفة، والإيمان بأنه لا يمكن تحقيق التنمية، بإقصاء موارد بشرية تعتبر طاقات وتشكل نصف المجتمع، وجزء من الثروة الفكرية المفقودة.
غير ذلك، ستبقى المساواة المزعومة، من صنيع كونية وهمية، ودساتير لا تراعي الاختلاف والخصائص الوجودية للنوع . لكن رغم حجم العراقيل والكوابح، لتحقيق مسار سياسي ناجح وفرض الكينونة السياسية وفق مبدأ الاستحقاق يجب الاستمرار في التأطير والاستماتة والمثابرة، لان النضال الحقيقي من داخل المؤسسات، الذي هو الأصل، لا يعتبر ترفا ولا نزهة. بقدر مستوى العراقيل بقدر مستوى العزيمة التي يجب ان تتحلى بها النساء اللواتي تتعاطى لممارسة السياسية والشأن العام، كعلم وفن وثقافة لها ضوابطها القانونية.
لأنه عندما يرتبط الإنسان مبدئيا بقضية عادلة، تكون له القدرة على تجاوز الحفر وعلى تحمل أعباء المسؤولية مستقبلا في مناصب صنع القرار. فالأنثى التي تحمل الحياة في أحشائها، يجب ان تكون لها القوة على الصبر حتى بلوغ المخاض، والقدرة على ولادة نهضة المجتمع أو انتكاسته، فقدر النساء في العالم واحد ومصائرهن واحدة والتحديات أمامهن مشتركة، تتطلب توحيد الجهود، الاستمرارية والتحلي بالنفس الطويل والاشتغال على التشريعات والتذكير باحترام توقيع الاتفاقيات الملزمة، وذلك للانخراط في زمن الدول التي تعتمد لغة القانون والمؤسسات وتحيد عن الممارسات الفردانية التي تسقط في الابتذال وتعطي صورة سلبية عن العمل داخل المجتمعات السياسية وتساهم في العزوف، عوض حث المواطنين والمواطنات عن الانخراط في الحياة السياسية وفي ادارة الشأن العام. لكن الاستمرار في العمل يدا في يد مع جمعيات المجتمع المدني النشيطة في المجال الحقوقي والتنسيق مع الأصوات الصديقة الداعمة في مجموعات الضغط كفيلة بإعطاء نتيجة إيجابية لتقليص الفجوة الجندرية.