الفردوس: لدينا الثقة والأمل في تعافي اقتصادنا الوطني وانتعاشه في مرحلة ما بعد كورونا
قال عبد الله الفردوس، مدير حزب الاتحاد الدستوري، وعضو مكتبه السياسي، إنه مع كل التوقعات بخطورة الوضع، لدينا الثقة والأمل في تعافي اقتصادنا الوطني وانتعاشه في مرحلة ما بعد كورونا.
ونوه الفردوس بتعاون جميع القطاعات الحكومية ومصالحها الجهوية والإقليمية الذي كانت له نتائج ملموسة في تنزيل التوجيهات الملكية السامية، مشيدا، أيضا، بالدور القيادي الكبير الذي لعبته لجنة اليقظة وإدارة الأزمة التي تضم جميع المتدخلين في القطاعات الوزارية ذات الصلة المباشرة بمواجهة الوباء وتداعياته الاقتصادية والاجتماعية.
وأكد أن تعبئتهم الحزبية لم تنقطع خلال هذه الفترة الاستثنائية في مواكبتهم يوما عن يوم تطورات الوضعية الوبائية، وتدارس السيناريوهات الممكنة للمساهمة في التخفيف من تداعيات هذا الوباء على الحياة الاجتماعية والاقتصادية والسياسية الوطنية.
كيف يدبر الحزب أنشطته خلال هذه المرحلة، خصوصا مع الحجر الصحي وحالة الطوارئ ؟
– تعلمون أن حالة الطوارئ الصحية قد فرضت على الجميع أفرادا وهيئات ومؤسسات تقييد الحركة والنشاط الحضوري إلى حدودهما الدنيا، ومن ثمة فإننا في حزب الاتحاد الدستوري، وعلى غرار باقي الهيئات السياسية والنقابية والجمعوية، نلتزم بقواعد الحجر الصحي، بما في ذلك حظر التجمعات واللقاءات والحد من التنقل والسفر، ونكتفي باستعمال وسائل الاتصال الحديثة في التداول بشأن القضايا الوطنية والمستجدات السياسية، فضلا عن استمرارية تنسيقنا مع مكونات الأغلبية الحكومية بشأن السياسات العمومية، ومع فريقي الحزب بمجلسي النواب والمستشارين، ومع باقي مناضلينا في مختلف مواقعهم ومسؤولياتهم الجماعية، وتواصلنا الدائم مع عموم مواطنينا عبر البلاغات والنداءات التي يصدرها الحزب.
وفي الحقيقة فإن التعبئة الحزبية لم تنقطع خلال هذه الفترة الاستثنائية التي نواكب فيها يوما عن يوم تطورات الوضعية الوبائية، وتدارس السيناريوهات الممكنة للمساهمة في التخفيف من تداعيات هذا الوباء على الحياة الاجتماعية والاقتصادية والسياسية الوطنية.
وأعتقد أن فترة الطوارئ والحجر الصحي بالنسبة للأفراد أو الهيئات، ليست فترة راحة وتوقف وعطالة، وإنما هي لحظة مراجعة واختبار وتأمل عميق سيسفر لا محالة عن أفكار جديدة تعيد النظر في منظومة تدبيرنا للمستقبل في ظل مخاطر بدأت تفتح أعيننا على إنسانيتنا وعلى مصيرنا الجماعي الموحد، كما تعيد النظر في كثير من سلوكاتنا التواصلية ومنهجياتنا التأطيرية وآلياتنا التعبوية، التي أجد أن الحزب معني بها لإعادة ترتيب تدخلاته ومساهماته في تجديد الفكر السياسي الليبرالي الوطني الحديث، واستثمار خلاصاته في الإجابة عن أسئلة التنمية والديموقراطية ببلادنا.
** ما هو تقييمكم للإجراءات التي قامت بها الحكومة لمواجهة تداعيات فيروس كورونا على جميع المستويات، خصوصا الاقتصادية والاجتماعية منها؟
– لن أكون مبالغا إذا ما وصفت هذه الفترة الحكومية الوجيزة التي لا تتعدى شهرين من الزمن بأنها أفضل الفترات في عمر الحكومة الحالية، بفضل الانخراط الصادق لكل مكوناتها في عمل تنسيقي رائع، وبسبب أخذ التهديدات الوبائية مأخذ الجد، وعدم التأخر في اتخاذ الإجراءات الاحتياطية والاحترازية منذ استشعار الخطر الوبائي، والتفكير المبكر في معالجة الآثار السلبية لإجراءات إعلان حالة الطوارئ الصحية على الدورة الاقتصادية والحياة الاجتماعية، حيث اتخذت وفي وقت وجيز جملة من التدابير المتناسقة والمتداخلة ذات الأبعاد الصحية والأمنية والمالية والإدارية والحقوقية والتقنية.
وكان لتعاون جميع القطاعات الحكومية ومصالحها الجهوية والإقليمية نتائج ملموسة في تنزيل التوجيهات الملكية السامية، هذا دون أن ننسى الدور القيادي الكبير الذي لعبته لجنة اليقظة وإدارة الأزمة التي تضم جميع المتدخلين في القطاعات الوزارية ذات الصلة المباشرة بمواجهة الوباء وتداعياته الاقتصادية والاجتماعية.
لقد فاقت النتائج ما كان منتظرا منها، وفي وقت وجيز للغاية، حيث تم رصد ميزانية بملايير الدراهم من تبرعات الصندوق المحدث لتدبير وباء كورونا، في عمليات استهدفت تقوية أداء المنظومة الصحية، وتحمل تكاليف العلاجات، والمساعدة المالية المباشرة للمتضررين اجتماعيا واقتصاديا من تداعيات الوباء، وغير ذلك من مجالات التضرر التي خفف منها التضامن الحكومي أولا، ثم التضامن الاجتماعي الصادر أصلا عن ثقافة مغربية عريقة وأصيلة ونبيلة في المسارعة إلى الإغاثة والإنقاذ والتضحية والتحمل من أجل الآخرين، ولا نعرف قدر هذه الثقافة التضامنية وعظمتها إلا في مثل هذه الظروف العصيبة والمواقف الحازمة، التي تضع بلادنا وشعبنا في مقدمة الريادة وفي مستوى التحديات.
** كيف يجري التنسيق مع حلفائكم لمواجهة المرحلة المقبلة؟
– تفرض المعطيات السياسية الجديدة على الصعيدين الدولي والوطني، والمتمثلة في تداعيات وباء كورونا وتأثيره العميق ليس فحسب في حياة البشر، وفي المعاملات بين الدول والشعوب وداخل التكتلات القارية والتجمعات الإقليمية، وإنما أيضا في نظرتهم للعالم وللوجود ورؤيتهم لمستقبل آخر ممكن، عنوانه توحيد الجهود والتعاون الدولي الصادق ليس فقط في مواجهة الوباء، بل في مواجهة نزعات التدمير والإرهاب والاحتكار والانتهازية السياسية والإيديولوجية التي أهدرت طاقات وجهود دولية كبيرة لو استثمرت في البحث العلمي وفي الصناعة الدوائية وفي الأمن الصحي والغذائي والبيئي للبشرية وفي التنمية وغوث المحتاجين والمساعدة الإنسانية، لكانت درعا واقيا مما تتعرض له البيئة الطبيعية من استنزاف لثرواتها وتخريب لتوازنها، وما يتعرض له الإنسان من مسخ لإنسانيته.
أستحضر هذا كله وأنا أجيب عن سؤال يرتبط بالتنسيق الحزبي مع الحلفاء والشركاء، فأقول إن المعطيات والمستجدات المرتبطة بهذا الوباء في بلادنا وبسياق إفرازاته، ترفع سقف التنسيق إلى أعلى من مستوى الحلفاء الحزبيين، والشركاء السياسيين. فالمناخ التضامني الجماعي يضع الجميع شركاء وفرقاء، حلفاء وخصوما، حكومة ومعارضة، أغلبية وأقلية، فوق هذه الصفات التكتلية الإيديولوجية أو السياسية أو الانتخابية أو المصلحية الضيقة، من أجل إنجاز عمل وحدوي وتعبوي شامل تتكامل داخله الرؤى وتتناسق الجهود، وتستثمر مناخ الإجماع الوطني وتوافق جميع قواه الحية على دعم مجهودات الدولة والحكومة في تنزيل الإجراءات الحمائية والتحصينية والتأمينية والعلاجية والاحترازية ذات الصلة بهذا الوباء وبتداعياته.
وأعتقد أن الترفع في هذه الظرفية عن أي تشويش أو تأثير سلبي على هذه التعبئة الجماعية، يعد في حد ذاته مساهمة في استعادة الثقة في العمل السياسي الوطني، وتعزيزا للتفكير في مرحلة جديدة من العلاقات السياسية والحزبية ما بعد كورونا، سنستخلص لها الدروس والعبر في إبانها.
** هل يؤثر شهر رمضان عادة على أنشطتكم الحزبية، وهل تعتمدون برنامجا خاصا خلال هذا الشهر الفضيل؟
– لا أرى شهر رمضان إلا كباقي شهور السنة من حيث العمل السياسي الحزبي، ثم إن أنشطتنا الحزبية تتحكم فيها استحقاقات تنظيمية مبرمجة، وأعمال تنسيقية شبه يومية، ومستجدات طارئة تستنفر لها الأجهزة الحزبية في حينها، ولذلك فإن شهر رمضان إذا استثنينا طابعه الروحي وما يفرضه من تنظيم للزمن، وإعادة توزيع للغلاف الزمني المرتبط بأوقات العمل، فإنه لا يؤثر في السير العادي والطبيعي والسلس للأنشطة الحزبية وللعمل السياسي المتصف بالديمومة والقرب من جميع الملفات ذات الصلة بانشغالات المواطنين والمناضلين من جهة، وبتدبير السياسات العمومية من جهة أخرى.
**ما هي في نظركم الخطوات التي يجب القيام بها للخروج من تبعات الأزمة التي خلفتها جائحة فيروس كورونا؟
– لا محالة أن مخلفات وباء كورونا ستكون ثقيلة على اقتصادنا الوطني، بالنظر إلى التوقف والشلل التام الذي أصاب قطاعات حيوية ونشيطة في مجالات التشغيل وامتصاص البطالة ودر الدخل وإنتاج الثروة، من مثل قطاعات السياحة والفندقة والمطاعم والملاحة الجوية والبحرية والنقل والتصدير والبناء والعقار وغيرها من القطاعات المتضررة، التي سنبدأ في إحصاء خسائرها النهائية مباشرة بعد الخروج من حالة الطوارئ، ولكن أعتقد أن بإمكان بلادنا أن تفكر في الاستفادة من هذه الأزمة لمزيد من تقوية قطاعات إنتاجية صناعية وإحداث وحدات للتصنيع جديدة، تستجيب لحاجيات الأزمة، وتستثمر ما اكتشفناه من طاقات وكفاءات وإرادات وطنية خلال حالة الطوارئ الصحية، تحتاج إلى تشجيع ودعم وتسويق.
وأنا على يقين أن بلادنا بتدبيرها الاستباقي والتوقعي الذي انخرطت فيه وأمنت به الحياة الاقتصادية والاجتماعية خلال شهري مارس وأبريل، قد وفرت عناصر المقاومة اللازمة لاقتصادنا الوطني إلى حين اجتياز هذه المرحلة الحرجة واستعادة عافيته. غير أنه في حالة ما إذا استمر التهديد الوبائي وطال أمده، فإن بلادنا على غرار سائر بلدان العالم ستعرف انكماشا قويا في نسبة النمو، سيدفعنا إلى التفكير في إرساء اقتصاد للوباء والأزمة يعيد ترتيب الأولويات ويستغني عن كثير من العادات الاستهلاكية والإنفاقات والصفقات التي لا تدعو الضرورة القصوى إليها، خصوصا العادات الاستهلاكية الكبيرة المرتبط بالاستيراد والمستنزفة لرصيد العملة الصعبة لبلادنا.
ومع كل التوقعات بخطورة الوضع، فإن لدينا الثقة والأمل في تعافي اقتصادنا الوطني وانتعاشه، وفي كفاءات رجاله ونسائه لإعادة تشغيل دواليبه وآلياته بما يتناسب مع متطلبات مرحلة ما بعد كورونا، بل بما سيدفع هذا الاقتصاد إلى تنويع مصادره ومنتجاته وأسواقه وزبنائه.
ويبقى تثمين الموارد البشرية وتقديرها، بالإضافة إلى تشجيع البحث العلمي والابتكار، وتكثيف الاستخدام الرقمي لتكنولوجيا المعلومات والاتصال، من أهم المجالات التي ينبغي أن نستثمر فيها حتى يستفيد اقتصادنا الجديد من إمكاناتها الواعدة التي ظهرت بعض تباشيرها وآثارها الإيجابية في هذه الفترة من الحجر الصحي.