مداخلة السيد بلعسال خلال جلسة مناقشة الحصيلة المرحلية لعمل الحكومة

مداخلة السيد بلعسال خلال جلسة مناقشة الحصيلة المرحلية لعمل الحكومة

السيد الرئيس المحترم،

السيد رئيس الحكومة المحترم،

السيدات والسادة الوزراء المحترمون،

السيدات والسادة النواب المحترمون.

يشرفني أن أساهم باسم الفريق الدستوري الديمقراطي الإجتماعي في هذه الجلسة المخصصة لمناقشة عرض السيد رئيس الحكومة المحترم حول الحصيلة المرحلية للعمل الحكومي التي غطت نصف الولاية الحكومية والبرلمانية الجارية.

بداية، نسجل في فريقنا بكل تقدير هذه المبادرة التي تقدمتم بها بصفة تلقائية وفي احترام وانضباط مع أحكام وروح الدستور بأن وضعتم الحصيلة المرحلية للمجهود الحكومي الذي أشرفتم عليه تحت القيادة الرشيدة لصاحب الجلالة نصره الله أمام ممثلي الأمة وأمام الرأي العام بكل مسؤولية وشفافية، وفي الوقت المناسب والفاصل بين مرحلة إنجازية وأخرى مرتقبة بكل وثوقية وتفاؤل.

السيد رئيس الحكومة المحترم، 

لقد راهنا في فريقنا الدستوري الديمقراطي الاجتماعي منذ بداية هذه الولاية على نجاحكم في مهمتكم ومسؤوليتكم السياسية والتدبيرية، وذلك انطلاقا من النجاحات المتراكمة التي حققتموها خلال مساركم الحكومي  ووضعنا الثقة الكاملة في تنظيمكم الحزبي وفي شركائكم الحكوميين بحكم المعايشة السابقة وبحكم اقتناعنا بأن أولويات المرحلة ومتطلبات الظرفية الوطنية والدولية تستدعي تظافر الجهود والمساندة الداعمة لكسب رهان تفعيل وتنزيل مختلف الإصلاحات والأهداف التي تضمنها البرنامج الحكومي الذي صادقنا عليه مثلما صادقنا على مجموعة من النصوص والهياكل الإصلاحية خلال الولاية التشريعية السابقة تمهيدا للمرحلة الحالية، حيث كنا نشتغل كفريق مشترك تجمعنا قواسم سياسية وأهداف مشتركة.

وأمام هذا الحجم من الإنجازات وهذا الإلتزام الملموس بتفعيل مضامين وأولويات البرنامج الحكومي واعتبارا لما رصدناه من إيجابيات في التفاعل مع المبادرات الملكية وتوجيهاته السامية المتمثلة في إرساء دعائم الدولة الاجتماعية وإمتصاص للضغوطات والإكراهات الظرفية وتطويعها، فإننا في فريقنا نؤكد على مساندتنا التامة لفريقكم الحكومي بعدما ثبت  لدينا وجَاهة رهاننا واختيارنا للموقع المساند للحكومة وأغلبيتها داخل البرلمان، كما نؤكد لكم مواصلة مساندتنا التامة لكل ما يتحقق في بلدنا من إصلاحات تنموية وبنيوية ومعالجة للاختلالات المتوارثة، وما يتحقق من توطين ترابي من قيم مضافة وتجسيد للعدالة الاجتماعية والمجالية والإقتصادية والبيئية على مختلف جهات المملكة على أمل استكمال معالجة بعض الإختلالات المتعلقة بالتشغيل وتقليص البطالة والمزيد من العناية بالعالم القروي الذي تراكمت عليه آثار الجفاف وقلة فرص الشغل وذلك لما تبقى من هذه الولاية.

كما نقدر حجم الإكراهات والصعوبات المرحلية التي تواجه بلدنا سواء كانت وطنية أم دولية، والتي تفرض أعباء وتكاليف مادية ومعنوية وكلفة مالية وتدبيرية يومية لمواجهة آثارها وتداعياتها؛ دون التفريط في الإلتزامات المتعاقد عليها والمعلنة والإنتظارات المجتمعية.

هذا بالإضافة إلى معالجة واحتواء الآثار والتداعيات الناتجة عن الأزمات والإكراهات الطارئة والمتمثلة في أربع تحديات كبرى:

–          تحدي المناخ المتَّسم بشح التساقطات المطرية والثلجية واستمرار حالة الجفاف لسنوات متتالية وتراجع للرصيد المائي وإجهاده على جميع المستويات.

–          امتصاص تداعيات الأزمة الصحية العالمية والتعافي الاقتصادي والصحي والنفسي منها وتجاوز مخلفاتها الإجتماعية التي أصابت الفئات الهشة وقطاعات حيوية.

–          الانعكاسات الإقتصادية والمالية القاسية بسبب التوترات الجيوستراتيجية واختلال أنظمة النقل والتوريد وتضخم الأسعار وغلاء المواد الأولية والطاقية.

–          احتواء آثار زلزال الحوز ومخلفاته الباهضة التكاليف مما يجعل هذه الحصيلة الإنجازية الغنية محفوفة بهذه التحديات الأربع الغير المسبوقة وأن مخاطرها التي لا تزال قائمة، رغم التعاطي معها بكل جدية وسرعة ومسؤولية.

وبالرغم من هذه الاكراهات المكلفة فإننا في فريقنا نسجل بكل افتخار الإلتزام الحكومي بتنزيل ورش الإصلاحات الملكية الكبرى وفي مقدمتها إرساء أسس الدولة الإجتماعية ومواصلة الأوراش والأولويات الإصلاحية المؤسساتية والمالية والقطاعية وتنزيل البرنامج الحكومي الطموح الذي عبر عنه العرض القيم الذي نناقش مضامينه وسياقاته الموضوعية في هذه الجلسة.

عرضكم السيد رئيس الحكومة، غني وشامل لكل ما تحقق وأنجز خلال 30 شهرا من العمل والدينامية المتصلة، قطاعيا وأفقيا وشاملا لجميع المجالات الموكولة للسلطة التنفيذية أو المسؤولة عن تنفيذها وتنزيلها كالأوراش الملكية الكبرى والإصلاحات الاستراتيجية التي يشرف عليها ويقودها جلالة الملك، الذي لا يتوانى في تزويد كل من الحكومة والبرلمان وباقي المؤسسات بالتوجيهات والتعليمات الملزمة دستوريا وسياسيا وأخلاقيا للجميع كل حسب موقعه ومسؤوليته.

لقد حظي المجال الدبلوماسي باهتمام خاص في عرضكم السيد رئيس الحكومة بفضل ما تحققه الدبلوماسية الوطنية من مكاسب وإشعاع قاري ودولي بفضل الجدية والإلتقائية وتكامل جهود جميع الفاعلين الدبلوماسيين الرسميين والموازيين جهود تعزز مواقعنا والثقة والمصداقية التي يتحلى بها نموذجنا الدبلوماسي الذي رسم خارطة طريقه جلالة الملك خدمة للقضية الوطنية ولمصالحنا العليا وإشعاع بلدنا، وذلك وفق نفس جديد ونوعي، كان من أهم مخرجات هذا النموذج الناجح:

–          التنظيم المشترك لكأس العالم 2030 مع كل من الجارتين الشماليتين إسبانيا والبرتغال.

–          الفوز برئاسة مجلس حقوق الإنسان بجنيف، كعنوان للثقة والمصداقية التي يحظى بها بلدنا دوليا وقاريا.

–          تسهيل ولوج بلدان الساحل للإستفادة من مؤهلات وفرص المشروع المستقبلي للمحيط الأطلسي.

–          شراكة مبتكرة بمضمون اقتصادي واستثماري مع الإمارات العربية المتحدة.

–          حشد المزيد من الدعم الدولي لصالح القضية الوطنية والإقناع بعدالة طرحنا وشرعية إنجازاتنا التنموية في أقاليمنا الجنوبية.

–          مع اعتبار قضية الوحدة الترابية هي الرافعة الأساسية للدبلوماسية المغربية والأساس المعتمد في التمييز البين بين أصدقاء المملكة وشركائها الحقيقيين من غيرهم.

السيد الرئيس المحترم،

السيد رئيس الحكومة المحترم،

السيدات والسادة الأفاضل.

إن ما يميز الحصيلة الإنجازية المرحلية هو الإلتزام الفعلي بترسيخ ركائز الدولة الاجتماعية، كورش ملكي سيادي تعاملت معه جميع الأطراف المعنية من حكومة وبرلمان وشركاء بكل جرأة ومسؤولية، حيث يسهر الجميع وكل من موقع مسؤوليته على تنزيل وتفعيل شبكة الأوراش والبرامج الاستراتيجية الهادفة إلى إرساء وتعزيز الدولة الضامنة للحقوق الاجتماعية والإقتصادية للمواطنين كخيار استراتيجي وطني ثابت عبر توفير الأسس والوسائل المستدامة لبناء صرح الدولة الاجتماعية وفق رؤية توفق بين ترصيد المكتسبات والتراكمات ومعالجة مكامن الخلل والهشاشة التي شابت السياسات العمومية المتعلقة بتنمية الرأسمال البشري الوطني.

وقد كنا شاهدين ومساهمين خلال الثلاثين شهرا الأخيرة من عمر الحكومة على الدينامية والحيوية التي عرفتها الأوراش الاجتماعية التنزيلية لهذا المشروع الوطني الضخم وفي مقدمتها تعميم التغطية الصحية الإجبارية “A MO ” وورش الدعم الاجتماعي المباشر وبرنامج دعم السكن، ومأسسة الحوار الاجتماعي المثمر الذي سينعكس إيجابيا على ملايين الأسر المغربية والفئات الاجتماعية في مختلف جهات المملكة بالإستفادة من مخرجاته بشكل من الأشكال.

وبالموازاة مع هذه الأوراش الإصلاحية الكبرى، أشرفتم السيد رئيس الحكومة المحترم على إرساء ومأسسة الحوار الاجتماعي مع الشركاء الاجتماعيين بأسلوب ومنهجية ومخرجات غير مسبوقة، ووفق تعاقد اجتماعي جديد كآلية لصناعة الحلول عبر الحوار البناء بين الحكومة المتفهمة والمسؤولة وشركاءها الاجتماعيين ووفق معادلة التشغيل والاستثمار عبر جولات متصلة من الحوار المنطلق منذ بداية العمل الحكومي وصولا إلى الاتفاق الاجتماعي الموقع في أبريل 2022 والمتوج بالإتفاق الأخير في 30 أبريل 2024 بمخرجات وأفق إصلاحي مؤسساتي ومالي مادي ونوعي بشكل غير مسبوق، تحملتم فيه مسؤوليتكم السياسية والتاريخية بكل شجاعة وقناعة وإقناع وفي توقيت مناسب وبعيد عن الأجواء السياسوية والمكاسب الإنتخابوية والشعبوية.

أنجزتم حواراً حضارياً هادئاً بمخرجات اجتماعية واقتصادية ومالية مهمة جدا من حيث تحسين أجور الملايين من المغاربة وتحسين الأوضاع المالية للنشطاء والمتقاعدين الذين يعلقون آمالا كبيرة وواعدة للتنفيس عن الأوضاع المزرية التي يعيشون فيها.

مما لا شك فيه أن هذا الزخم الإصلاحي الأفقي مشمول ومعزز بالإرادة الملكية السامية مما سيمكن بلدنا من تحقيق تحول إجتماعي سلمي وهادئ ورائد في كل المجالات.

وندعو بهذه المناسبة إلى الحرص على حسن تدبير مخرجاته وتوفير شروط التنفيذ السليم لمختلف السياسات والمخرجات الإصلاحية وانخراط المستويات التدبيرية المباشرة لكل ما هو اجتماعي عبر تصريف السياسات الاجتماعية الداعمة بيُسْر، وحكامة ورقمنة مع تبسيط كل الإجراءات والمساطر المعتمدة يوميا في التعامل مع المستفيدين.

السيد الرئيس المحترم،

لقد حظي قطاع التعليم العالي والبحث والإبتكار، بحضور وازن في الحصيلة الإنجازية المرحلية باعتباره رافعة أساسية لإعداد وتأهيل الرأسمال البشري لتلبية حاجياتنا الاقتصادية والتنموية وتكريس مخرجات النموذج التنموي الجديد والبرنامج الحكومي؛ ومن هذا المنطلق أصبحت لدينا منظومة جامعية حديثة للتعليم العالي والبحث والإبتكار يؤطرها “المخطط الوطني لتسريع تحول منظومة التعليم العالي والبحث والإبتكار2030”.

وبموازاة مع هذه الحزمة من الإصلاحات، نسجل بكل إيجابية وتثمين إصدار النظام الأساسي الجديد لهيئة الأساتذة الباحثين كإطار محفز للإنخراط في الأدوار الجديدة للتعليم العالي ويعزز جاذبية مهنة الأستاذية في التعليم العالي ماديا ومعنويا.

ومن أهم المستجدات الإصلاحية لقطاع التعليم العالي العمل على تطوير مجمَّعات الإبتكار بالشراكة مع الجامعات الحاضنة لمراكز البحث والإبتكار، ومما لا شك فيه أن هذه الشراكة ستعطي ثمارها بتوفر شروط البحث والإبتكار ودعمها ماديا وبشريا ولوجستيا.

ودائما في سياق العناية بالرأسمال البشري، الوطني أشرتم في الحصيلة المرحلية إلى المكون الوطني المنتشر خارج أرض الوطن، والذي يضم أجيالا من المهاجرين من مغاربة العالم بمن فيهم من الكفاءات في مختلف التخصصات والأطر العليا في مختلف الميادين العلمية والإقتصادية والرياضية والمهنية.

وإذا كان هذا الرصيد الديمغرافي الذي يمثل 18 % من المغاربة والذي يتجاوز 6 ملايين مغربي موزعين على أزيد من 100 بلد وقابل للإرتفاع بفعل الهجرة المستمرة؛ فإننا ملزمون بتطوير وتحيين الخدمات والإتصال والتأطير الموجه لمغاربة العالم

السيد رئيس الحكومة المحترم،

نناقش معكم في فريقنا هذه الحصيلة الغنية، بكل تفاؤل وثقة وتطلع إلى إدماج وتعبئة كل الطاقات والفئات الاجتماعية والاقتصادية والسياسية والفكرية وإشراكها في المسيرة التنموية، والإستفادة من خيرات ومؤهلات بلدنا وفي ظل مناخ يسوده الأمن والحرية والإستقرار العادل والتعايش المشترك والتفرغ للتنمية والنمو والحفاظ على المكتسبات والثوابت الوطنية في ظل الملكية الدستورية والإجتماعية والديمقراطية، حيث ينعم الجميع بهذا الوضع المفقود لدى الكثير من البلدان والمجتمعات عند المقارنة الموضوعية.

يكفي ما يأتينا من الجارة السيئة من أكاذيب مفبركة وإبداع رخيص في تشويه كل ما هو جميل وجيد لدينا، حسداً وبغضاً من مصابين بعاهات وعقد تاريخية وجغرافية يكاد يكون الشفاء منها ميؤوساً. عفى الله عنهم وحفظ بلدنا من شرهم وكيدهم.

السيد الرئيس المحترم،

إننا ندعو في فريقنا إلى تأسيس منظومة إعلامية مواطنة ومعبرة بصدق وموضوعية عن نموذجنا الاجتماعي والتنموي تساهم في ترسيخ الإيجابيات وتسويقها بكل مهنية ومسؤولية، وتنتقد ما يستحق النقد البناء بلغة راقية، تحترم الآخر.

ووفقنا الله لما فيه خير لوطننا العزيز تحت القيادة السامية لجلالة الملك محمد السادس نصره الله

                                   والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته.

اترك تعليقاً

Share via