يخلد الشعب المغربي، يوم غد الأربعاء (9 ربيع الثاني)، في أجواء من الخشوع، الذكرى الـ22 لرحيل جلالة المغفور له الحسن الثاني طيب الله ثراه، وهي مناسبة يستحضر فيها المغاربة بكل تقدير وإجلال المسار المتفرد للملك الموحد والعاهل الباني، الذي طبع ببصماته التحولات الكبرى التي عرفتها المملكة خلال النصف الثاني من القرن العشرين، كما أثر بشخصيته وحكمته وبعد نظره في الأحداث العالمية الكبرى التي ميزت عهده.
ويجسد تخليد هذه الذكرى، التي تأتي أياما قليلة بعد ذكرى عيد الاستقلال وذكرى المسيرة الخضراء المظفرة، إرادة شعبية راسخة للاحتفاء بتاريخ المملكة، والترحم على روح ملك متبصر استطاع قيادة المغرب نحو العصرنة مع المحافظة على هويته وإرثه وحضارته.
فقد شكل يوم التاسع من ربيع الثاني 1420 هـ بالنسبة للمغاربة قاطبة يوما حزينا، ودعوا فيه قائدا عظيما وعاهلا فذا، عاشوا تحت رايته لمدة 38 سنة، قام خلالها بمجهودات جبارة جعلت من بلده وشعبه منارة بين الدول والأمم، مسخرا في ذلك حنكته وما تحلى به من بعد نظر، فكان، على الصعيد الوطني، بانيا ومشيدا، وعلى المستوى الدولي، مدافعا قويا عن العدل والسلام، مما جعل صيته يمتد عبر المعمور، مثبتا نجاعته في تجاوز أعقد الأزمات وفي أصعب الفترات التي عرفها العالم في القرن الماضي.
وجاءت مراسيم التشييع المهيبة وغير المسبوقة لجنازة جلالة المغفور له الحسن الثاني لتترجم بصدق تلك العروة الوثقى التي كانت تربط الشعب المغربي بالملك الراحل، حيث خرج أزيد من مليوني مغربي إلى شوارع العاصمة التي استقبلت حشودا من مدن أخرى، كثير منها حل راجلا من مدن مجاورة، لوداع عاهلهم الراحل، ولتجديد تأكيد وفائهم الدائم لذكراه وعهدهم على مواصلة الطريق مع وارث سره صاحب الجلالة الملك محمد السادس، من أجل صالح الأمة المغربية والسلم والوفاق الدوليين.
وتمكن المغرب، بفضل السياسة الحكيمة التي كان ينهجها جلالة المغفور له الحسن الثاني، من تحقيق الوحدة الترابية للمملكة، في مسيرة سلمية شهد العالم أجمع بعبقرية مبدعها، علاوة على تثبيت ركائز دولة المؤسسات والحق والقانون، مما أهل المملكة لاحتلال موقع متميز على الساحة الدولية، بل وتساهم بشكل ناجع في إرساء السلم والأمن في مختلف بقاع العالم، لا سيما وأن الملك الراحل كان على الدوام قبلة استشارة دائمة للعديد من زعماء وقادة الدول.
وبالفعل، فقد طبع الملك الراحل التاريخ الحديث للمغرب من خلال ما حققه من تنمية اقتصادية واجتماعية للمملكة عكستها الإصلاحات العميقة التي باشرها والأوراش الكبرى التي أطلقها حتى أصبح المغرب مضرب المثل كبلد عصري وصاعد استطاع أن يوفق بين الأصالة والمعاصرة، تصورا وممارسة.
وهكذا، قام جلالة المغفور له الملك الحسن الثاني، بإرساء المؤسسات الديمقراطية وتعزيز الحريات العامة وترسيخ حقوق الإنسان وتشجيع الإبداع على المستويات الثقافية والمعمارية والفنية والرياضية.
والحقيقة أن الملك الراحل لم يكن وراء وضع سياسة تنموية ترتكز على مؤسسات قوية وعصرية وصانع السلم الاجتماعي بالمغرب فحسب، بل كان أيضا القائد المحنك الذي استطاع أن يقود بنجاح الأمة في كفاحها السلمي لاستكمال وحدتها الترابية وضمان سيادتها.
وقد تمكنت هذه المسيرة من تحقيق أهدافها في زمن قياسي بفضل التعبئة العامة للشعب المغربي الذي استجاب بعفوية وإقبال كبير إلى “نداء الملك الحسن”، مبرهنا للعالم أجمع على أنه جدير بملك فذ من طينة الحسن الثاني الذي قفز بالمملكة قفزة نوعية على درب الديمقراطية والتنمية الاقتصادية، بوأتها مكانة متميزة في محيطها الجغرافي وعلى المستويين الإقليمي والعالمي.
وبمثل ما كان المغفور له قائدا سياسيا محنكا استطاع أن يرسي أسس الدولة المغربية الحديثة، فإنه كان كذلك رمزا دينيا، وقائدا روحيا، وأميرا للمؤمنين يزكيه نسبه الشريف إلى البيت العلوي، وسعة اطلاعه على أصول الدين الإسلامي ومصادره وعلومه، حيث كان له الفضل في إحياء مجموعة من السنن الحميدة التي دأب عليها المسلمون، ومنها على وجه الخصوص الدروس الحسنية، التي كانت ولا تزال محجا لأقطاب الفكر الإسلامي من جميع الآفاق، ومن كل المشارب، ومناسبة للحوار بين المذاهب الإسلامية، ودعمه لبناء المساجد بكل أنحاء العالم وخاصة في إفريقيا.
وفي هذا السياق بالذات، يظل مسجد الحسن الثاني بالدار البيضاء معلمة دينية شامخة شموخ صاحب فكرة تشييدها.
أما على الصعيد الدولي، فقد عرف عن الملك الراحل أنه مدافع مستميت عن الحوار كسبيل ناجع لفض النزاعات وتحقيق السلم والأمن، وهو ما تجلى، بشكل خاص، في النزاع العربي الإسرائيلي، حيث انخرط في ملفات هذا النزاع بكل ثقله، وكان بذلك من بين الزعماء القلائل الذين تمكنوا من لعب دور هام في دعم القضية الفلسطينية وإنعاش فرص السلام في الشرق الأوسط، فضلا عن التقريب بين الشعوب والحضارات الكبرى والديانات.
كما يتجلى موقف جلالة المغفور له في دعم القضية الفلسطينية في سهره على عقد القمة العربية بالرباط في 1974 والتي اعترفت لأول مرة بمنظمة التحرير الفلسطينية كممثل وحيد وشرعي للشعب الفلسطيني.
وإيمانا منه بما يجمع شعوب المغرب العربي من أواصر متينة قوامها الاشتراك في التاريخ والدين واللغة واستجابة لما لهذه الشعوب من تطلعات عميقة، كان لجلالة المغفور له الحسن الثاني الأثر البالغ في قيام الاتحاد المغاربي باعتباره خيارا استراتيجيا لا محيد عنه من أجل تمتين أواصر الأخوة التي تربط الدول الأعضاء وشعوبها وتحقيق تقدم ورفاهية مجتمعاتها والدفاع عن حقوقها والمساهمة في صيانة السلام القائم على العدل والإنصاف واحترام سيادة الدول ووحدتها الترابية.
والواقع أن المغاربة، وهم يخلدون اليوم الذكرى الـ22 لوفاة هذا الملك العظيم، ليفخرون، وهم يشاهدون ويتابعون جهود وارث سره جلالة الملك محمد السادس، نصره الله، وهو يواصل، ليل نهار، العمل الدؤوب من أجل وضع المغرب على سكة القرن الواحد والعشرين، مع ما يتطلبه ذلك من عصرنة وتحديث، عنوانهما تلك الأوراش الكبرى التي أطلقها جلالته من شمال المملكة إلى جنوبها، وتعزيز مغربية الصحراء على الساحة الدولية والنهوض بالصحراء وجعلها قاطرة للتنمية الإقليمية والقارية.
“تلقى صاحب الجلالة الملك محمد السادس، نصره الله، يومه الخميس اتصالا هاتفيا من أخيه صاحب الجلالة الهاشمية الملك عبد الله الثاني ابن الحسين، ملك المملكة الأردنية الهاشمية.
وتأتي هذه المكالمة في إطار ما يجمع العاهلين الكريمين من وشائج موصولة ومودة صادقة، وتجسيدا لنهج التشاور المستمر والتنسيق الدائم بينهما، وترسيخا لعلاقات التعاون المثمر والتضامن الفاعل بين المملكتين الشقيقتين.
خلال هذا الاتصال، أشاد صاحب الجلالة الهاشمية الملك عبد الله الثاني ابن الحسين، بالقرارات التي أمر بها جلالة الملك لإعادة تأمين انسياب الحركة المدنية والتجارية بمنطقة الكركارات بالصحراء المغربية.
كما هنأ جلالته على نجاح هذه العملية وإعادة فتح المعبر أمام المرور الآمن للأشخاص والبضائع من المملكة المغربية في اتجاه الدول الإفريقية جنوب الصحراء.
وبهذه المناسبة، عبر جلالة الملك عبد لله الثاني لجلالة الملك عن رغبة المملكة الأردنية الهاشمية في فتح قنصلية عامة لها بمدينة العيون المغربية. وستقوم وزارتا الخارجية في البلدين بالتنسيق لوضع الترتيبات الضرورية لذلك.
وقد عبر جلالة الملك محمد السادس، نصره الله، لأخيه جلالة الملك عبد الله الثاني، عن تقديره وامتنانه لهذا القرار الهام الذي يندرج في إطار المواقف المؤيدة التي ما فتئت المملكة الأردنية الهاشمية تعبر عنها بشأن قضية وحدة المغرب الترابية”.
عبر مجلس جامعة الدول العربية على مستوى وزارء الخارجية، يوم الأربعاء، عن إشادته بالجهود التي يبذلها صاحب الجلالة الملك محمد السادس، رئيس لجنة القدس، في حماية مدينة القدس الشريف، ودعم صمود الشعب الفلسطيني.
ونوهت القرارات الصادرة عن الدورة 154 لمجلس الجامعة في ختام أشغالها، بالعمل الميداني الذي تقوم به وكالة بيت مال القدس التابعة للجنة القدس، في الحفاظ على الهوية العربية والإسلامية للقدس الشريف.
وقد توجت أشغال الاجتماع بمجموعة من القرارات التي ثمنت عاليا تنفيذ المملكة المغربية لالتزاماتها على مستوى الجامعة العربية، ومنها السداد الكامل لمساهمتها في موازنة الأمانة العامة لسنة 2020، وكذا مساهمتها في زيادة رأسمال صندوق الأقصى، ودفع جزء من حصتها في هذه الزيادة.
كما أعرب مجلس الجامعة عن ترحيبه بترشيح المملكة المغربية لرئاسة الدورة 64 للمؤتمر العام للوكالة الدولية للطاقة الذرية، وأكد على تقديم الدعم العربي الكامل للمغرب لإنجاح رئاسته المقبلة لأعمال المؤتمر.
وأشاد المجلس أيضا بتعيين الدبلوماسي والوزير السابق السيد محمد أوجار رئيسا للبعثة الأممية لتقصي الحقائق حول ليبيا.
وفي مجال محاربة الإرهاب والأفكار التكفيرية والمتطرفة، دعت قرارات مجلس وزراء خارجية الدول العربية إلى الاستفادة من الإمكانيات التي يتيحها كل من مركز محمد السادس للعلماء في إفريقيا، ومعهد محمد السادس لتكوين الأئمة والمرشدين والمرشدات.
واقتبست السيدة فليمنغ، في كلمتها الافتتاحية أمام أعضاء اللجنة، مقتطفا مطولا من الخطاب الذي ألقاه جلالة الملك في قمة الأمم المتحدة حول أهداف الألفية للتنمية سنة 2010 بنيويورك، أكد فيه جلالته أنه “يجب الانخراط من الآن في تفكير استشرافي، وعمل استباقي، لما بعد سنة 2015، لتحقيق استمرارية مبادراتنا، والتأهيل لرفع التحديات الجديدة. سبيلنا إلى ذلك العمل الجماعي الهادف لتوطيد نموذج تنموي بشري ومستدام، تضامني ومتناسق، وذلك في نطاق حكامة عالمية منصفة وناجعة، وتوفير العيش الكريم لأجيالنا الصاعدة، وبناء مستقبل مشترك، يسوده الأمن والاستقرار، والتقدم والازدهار”.
وفي تعليقها على فحوى هذا الخطاب الملكي، أكدت المسؤولة الأممية أن “الرؤية المتبصرة لجلالة الملك تجسدت بشكل أكبر، لاسيما في سياق السنة الحالية التي اتسمت بأزمة جائحة كورونا غير المسبوقة، لأن الوباء غير عالمنا بشكل لا رجعة فيه، وقلب حياتنا رأسا على عقب وكشف الاختلالات القائمة المتمثلة في الحيف والتفاوتات الاجتماعية والاقتصادية والخوف والتضليل الإعلامي”.
وسلطت السيدة ميليسا فليمنغ الضوء على الأنشطة الرئيسية لوكالتها، وكذا التغييرات اللازمة للتأقلم مع الواقع الجديد الذي فرضته جائحة كورونا.
وأشارت، في هذا الصدد، إلى إحدى المبادرات الجديدة الرئيسية التي أطلقتها الأمم المتحدة، تحت قيادة الأمين العام أنطونيو غوتيريس، التي تحمل اسم “فيريفايد” (مثبت) والتي تهدف إلى مكافحة آفة المعلومات المضللة المتعلقة بجائحة كورونا من خلال توسيع حجم ونطاق المعلومات الموثوقة والدقيقة حول المرض.
من جانبه، شدد رئيس اللجنة، السفير هلال، في نفس السياق، على أهمية محاربة المعلومات المضللة وانعكاساتها المدمرة، مشيدا بجهود الأمين العام للأمم المتحدة وقسم الاتصالات العالمية خلال الجائحة.
وفي هذا الصدد، نوه السيد هلال بإطلاق برنامج الأمم المتحدة الإنمائي لمبادرة “أكيد 2030ـ كوفيد 19” في المغرب، والتي تروم التعريف بالتجارب التي أبانت عن فعاليتها، والممارسات الجيدة والدروس المستفادة من أجل نشرها على نطاق واسع وتشجيع مبادرات مماثلة في المغرب وفي أماكن أخرى.
وأشار إلى أن هذه المقاربة تتماشى مع رغبة المملكة في تعزيز التعاون جنوب ـ جنوب وضمان استفادة بلدان أخرى من تجربتها في مجال مكافحة الوباء.
وتعتمد لجنة الإعلام، وهي هيئة فرعية تابعة للجنة الرابعة، سنويا قرارا يوجه عمل قسم الاتصالات العالمية. وبالنظر إلى السياق الخاص لهذه السنة، فإن الرئاسة المغربية للجنة لم تأل جهدا لضمان انعقاد هذه الدورة الـ42 للجنة، بهدف مد القسم بالوسائل اللازمة للاضطلاع بمهمته في أفضل الظروف.
أكد صاحب الجلالة الملك محمد السادس، اليوم الخميس، أنه إذا استمرت أعداد الإصابات بوباء كوفيد-19 في الارتفاع، فإن اللجنة العلمية المختصة بهذا الوباء قد توصي بإعادة الحجر الصحي، بل وزيادة تشديده.
وشدد صاحب الجلالة، في الخطاب السامي الذي وجهه إلى الأمة بمناسبة الذكرى السابعة والستين لثورة الملك والشعب على أنه “إذا دعت الضرورة لاتخاذ هذا القرار الصعب، لا قدر الله، فإن انعكاساته ستكون قاسية على حياة المواطنين، وعلى الأوضاع الاقتصادية والاجتماعية”.
وأبرز جلالة الملك أنه بدون الالتزام الصارم والمسؤول بالتدابير الصحية، سيرتفع عدد المصابين والوفيات، وستصبح المستشفيات غير قادرة على تحمل هذا الوباء، مهما كانت جهود السلطات العمومية، وقطاع الصحة .
ونبه صاحب الجلالة في ذات السياق إلى أنه بدون سلوك وطني مثالي ومسؤول، من طرف الجميع، لا يمكن الخروج من هذا الوضع، ولا رفع تحدي محاربة هذا الوباء.
وذكر جلالة الملك بأنه تم، بموازاة مع تخفيف الحجر الصحي، اتخاذ مجموعة من التدابير الوقائية، قصد الحفاظ على سلامة المواطنين، والحد من انتشار الوباء، “إلا أننا تفاجأنا بتزايد عدد الإصابات” ، مبرزا أن “تدهور الوضع الصحي الذي وصلنا إليه اليوم مؤسف، ولا يبعث على التفاؤل”، و من يقول غير هذه الحقيقة فهو كاذب.
وسجل صاحب الجلالة أن عدد الإصابات المؤكدة، والحالات الخطيرة، وعدد الوفيات تضاعف بعد رفع الحجر الصحي أكثر من ثلاث مرات في وقت وجيز، مقارنة بفترة الحجر.
كما أن معدل الإصابات ضمن العاملين في القطاع الطبي، يضيف جلالة الملك، ارتفع من إصابة واحدة كل يوم، خلال فترة الحجر الصحي، ليصل مؤخرا إلى عشر إصابات.
و دعا جلالته كل القوى الوطنية للتعبئة واليقظة، والانخراط في المجهود الوطني، في مجال التوعية والتحسيس وتأطير المجتمع للتصدي لهذا الوباء.
وأوضح جلالة الملك في خطاب إلى الأمة، بمناسبة الذكرى السابعة والستين لثورة الملك والشعب، أنه “بموازاة مع الإجراءات المتخذة من طرف السلطات العمومية، أدعو كل القوى الوطنية، للتعبئة واليقظة، والانخراط في المجهود الوطني، في مجال التوعية والتحسيس وتأطير المجتمع، للتصدي لهذا الوباء”.
ونبه صاحب الجلالة إلى أنه بدون سلوك وطني مثالي ومسؤول، من طرف الجميع، لايمكن الخروج من هذا الوضع، ولا رفع تحدي محاربة هذا الوباء، مشددا جلالته على أنه وبدون الالتزام الصارم والمسؤول بالتدابير الصحية، سيرتفع عدد المصابين والوفيات، وستصبح المستشفيات غير قادرة على تحمل هذا الوباء، مهما كانت جهود السلطات العمومية، وقطاع الصحة.
وقال جلالة الملك “إن خطابي لك اليوم، لا يعني المؤاخذة أو العتاب؛ وإنما هي طريقة مباشرة، للتعبير لك عن تخوفي، من استمرار ارتفاع عدد الإصابات والوفيات، لا قدر الله، والرجوع إلى الحجر الصحي الشامل، بآثاره النفسية والاجتماعية والاقتصادية”.
وأضاف جلالته “وإننا اليوم، ونحن نخلد ذكرى ثورة الملك والشعب، أكثر حاجة لاستحضار قيم التضحية والتضامن والوفاء، التي ميزتها، لتجاوز هذا الظرف الصعب”.
وعبر صاحب الجلالة عن ثقته بأن “المغاربة، يستطيعون رفع هذا التحدي، والسير على نهج أجدادهم، في الالتزام بروح الوطنية الحقة، وبواجبات المواطنة الإيجابية، لما فيه خير شعبنا وبلادنا”.
وفي ما يلي نص الخطاب الملكي السامي :
” الحمد لله، والصلاة والسلام على مولانا رسول الله وآله وصحبه.
شعبي العزيز،
في مثل هذا اليوم من سنة 1953، اجتمعت إرادة جدنا ، جلالة الملك محمد الخامس ، ورفيقه في الكفاح، والدنا جلالة الملك الحسن الثاني، طيب الله ثراهما، مع إرادة الشعب المغربي، في ثورة تاريخية، على رفض مخططات الاستعمار.
و قد تميزت هذه الثورة المجيدة، بروح الوطنية الصادقة، وبقيم التضحية والتضامن والوفاء، من أجل حرية المغرب و استقلاله.
وتاريخ المغرب حافل بهذه المواقف و الأحداث الخالدة، التي تشهد على التلاحم القوي بين العرش و الشعب، في مواجهة الصعاب.
وهي نفس القيم و المبادئ، و نفس الالتزام و التعبئة الجماعية، التي أبان عنها المغاربة اليوم، خاصة في المرحلة الأولى من مواجهة وباء كوفيد 19.
فقد تمكنا خلال هذه الفترة، بفضل تضافر جهود الجميع، من الحد من الانعكاسات الصحية لهذه الأزمة، و من تخفيف آثارها الاقتصادية والاجتماعية.
وفي هذا الإطار، قامت الدولة بتقديم الدعم لفئات واسعة من المواطنين، وأطلقنا خطة طموحة و غير مسبوقة لإنعاش الاقتصاد، ومشروعا كبيرا لتعميم التغطية الاجتماعية لجميع المغاربة.
وإننا نؤكد على ضرورة تنزيل هذه المشاريع، على الوجه المطلوب، وفي الآجال المحددة.
شعبي العزيز،
إننا لم نكسب بعد، المعركة ضد هذا الوباء، رغم الجهود المبذولة. إنها فترة صعبة و غير مسبوقة بالنسبة للجميع.
صحيح أنه كان يضرب بنا المثل، في احترام التدابير الوقائية التي اتخذناها، وفي النتائج الحسنة التي حققناها، خلال فترة الحجر الصحي.
وهو ما جعلنا نعتز بما قمنا به، و خاصة من حيث انخفاض عدد الوفيات، و قلة نسبة المصابين، مقارنة بالعديد من الدول.
ولكن مع الأسف، لاحظنا مع رفع الحجر الصحي، أن عدد المصابين تضاعف بشكل غير منطقي، لأسباب عديدة.
فهناك من يدعي بأن هذا الوباء غير موجود؛ و هناك من يعتقد بأن رفع الحجر الصحي يعني انتهاء المرض؛ وهناك عدد من الناس يتعاملون مع الوضع، بنوع من التهاون والتراخي غير المقبول.
وهنا يجب التأكيد على أن هذا المرض موجود؛ و من يقول عكس ذلك، فهو لا يضر بنفسه فقط، و إنما يضر أيضا بعائلته وبالآخرين.
و يجب التنبيه أيضا، إلى أن بعض المرضى لا تظهر عليهم الأعراض، إلا بعد 10 أيام أو أكثر، إضافة إلى أن العديد من المصابين هم بدون أعراض. وهو ما يضاعف من خطر انتشار العدوى، و يتطلب الاحتياط أكثر.
فهذا المرض لا يفرق بين سكان المدن والقرى، و لا بين الأطفال و الشباب و المسنين.
والواقع أن نسبة كبيرة من الناس لا يحترمون التدابير الصحية الوقائية، التي اتخذتها السلطات العمومية: كاستعمال الكمامات، و احترام التباعد الاجتماعي، و استعمال وسائل النظافة و التعقيم.
فلو كانت وسائل الوقاية غير موجودة في الأسواق، أو غالية الثمن، قد يمكن تفهم هذه التصرفات. و لكن الدولة حرصت على توفير هذه المواد بكثرة، و بأثمان جد معقولة.
كما أن الدولة قامت بدعم ثمن الكمامات، و شجعت تصنيعها بالمغرب، لتكون في متناول الجميع.
بل إن الأمر هنا، يتعلق بسلوك غير وطني و لاتضامني. لأن الوطنية تقتضي أولا، الحرص على صحة وسلامة الآخرين؛ ولأن التضامن لا يعني الدعم المادي فقط، وإنما هو قبل كل شيء، الالتزام بعدم نشر العدوى بين الناس.
كما أن هذا السلوك يسير ضد جهود الدولة، التي تمكنت و الحمد لله، من دعم العديد من الأسر التي فقدت مصدر رزقها.
إلا أن هذا الدعم لا يمكن أن يدوم إلى ما لانهاية، لأن الدولة أعطت أكثر مما لديها من وسائل و إمكانات.
شعبي العزيز،
بموازاة مع تخفيف الحجر الصحي، تم اتخاذ مجموعة من التدابير الوقائية، قصد الحفاظ على سلامة المواطنين، والحد من انتشار الوباء. إلا أننا تفاجأنا بتزايد عدد الإصابات.
فتدهور الوضع الصحي، الذي وصلنا إليه اليوم مؤسف، و لا يبعث على التفاؤل. ومن يقول لك، شعبي العزيز، غير هذه الحقيقة، فهو كاذب.
فبعد رفع الحجر الصحي، تضاعف أكثر من ثلاث مرات، عدد الإصابات المؤكدة، والحالات الخطيرة، و عدد الوفيات، في وقت وجيز، مقارنة بفترة الحجر.
كما أن معدل الإصابات ضمن العاملين في القطاع الطبي، ارتفع من إصابة واحدة كل يوم، خلال فترة الحجر الصحي، ليصل مؤخرا، إلى عشر إصابات.
و إذا استمرت هذه الأعداد في الارتفاع، فإن اللجنة العلمية المختصة بوباء كوفيد 19، قد توصي بإعادة الحجر الصحي، بل وزيادة تشديده.
و إذا دعت الضرورة لاتخاذ هذا القرار الصعب، لاقدر الله، فإن انعكاساته ستكون قاسية على حياة المواطنين، وعلى الأوضاع الاقتصادية والاجتماعية.
وبدون الالتزام الصارم و المسؤول بالتدابير الصحية، سيرتفع عدد المصابين و الوفيات، و ستصبح المستشفيات غير قادرة على تحمل هذا الوباء، مهما كانت جهود السلطات العمومية، وقطاع الصحة.
وبموازاة مع الإجراءات المتخذة من طرف السلطات العمومية، أدعو كل القوى الوطنية، للتعبئة و اليقظة، و الانخراط في المجهود الوطني، في مجال التوعية و التحسيس وتأطير المجتمع، للتصدي لهذا الوباء.
و هنا، أود التنبيه إلى أنه بدون سلوك وطني مثالي و مسؤول، من طرف الجميع، لا يمكن الخروج من هذا الوضع، و لا رفع تحدي محاربة هذا الوباء.
شعبي العزيز،
إن خطابي لك اليوم، لا يعني المؤاخذة أو العتاب؛ و إنما هي طريقة مباشرة، للتعبير لك عن تخوفي، من استمرار ارتفاع عدد الإصابات والوفيات، لا قدر الله، و الرجوع إلى الحجر الصحي الشامل، بآثاره النفسية و الاجتماعية و الاقتصادية.
و إننا اليوم، و نحن نخلد ذكرى ثورة الملك و الشعب، أكثر حاجة لاستحضار قيم التضحية و التضامن و الوفاء، التي ميزتها، لتجاوز هذا الظرف الصعب.
و إني واثق بأن المغاربة، يستطيعون رفع هذا التحدي، و السير على نهج أجدادهم، في الالتزام بروح الوطنية الحقة، وبواجبات المواطنة الإيجابية، لما فيه خير شعبنا وبلادنا.
و السلام عليكم و رحمة الله تعالى وبركاته”.
أكد صاحب الجلالة الملك محمد السادس أن المرحلة المقبلة من تدبير الأزمة الصحية لفيروس كورونا تتطلب تضافر جهود كل المغاربة لرفع تحدياتها.
وقال جلالة الملك في الخطاب السامي الذي وجهه، مساء امس الأربعاء، إلى الأمة، بمناسبة الذكرى ال21 لعيد العرش المجيد ” أتوجه لكل القوى الوطنية دون استثناء، وأخاطب فيها روح الغيرة الوطنية، والمسؤولية الفردية والجماعية، للانخراط القوي في الجهود الوطنية، لتجاوز هذه المرحلة، ومواجهة تداعياتها الاقتصادية والاجتماعية”.
وأكد جلالته أنه “علينا أن نجعل من المكاسب المحققة في هذا الظرف القصير، منعطفا حاسما، لتعزيز نقط القوة التي أظهرها المغاربة، وتسريع الإصلاحات التي تقتضيها المرحلة واستثمار الفرص التي تتيحها”.
وبذلك، يضيف جلالة الملك، “نربط الماضي بالحاضر، ونكون خير خلف لخير سلف، مستحضرين، بكل إجلال، الأرواح الطاهرة لرجال المغرب الكبار، وفي مقدمتهم جدنا ووالدنا المنعمان، جلالة الملك محمد الخامس، وجلالة الملك الحسن الثاني، أكرم الله مثواهما، وكل شهداء الوطن الأبرار”.
وبهذه المناسبة، جدد صاحب الجلالة الملك محمد السادس مرة أخرى الإشادة “بقواتنا المسلحة الملكية، وقواتنا الأمنية، بكل مكوناتها، لتجندها الدائم، بقيادتنا، للدفاع عن وحدة الوطن، وصيانة أمنه واستقراره”.
تطوان – وجه صاحب الجلالة الملك محمد السادس الحكومة ومختلف الفاعلين للتركيز على التحديات والأسبقيات التي تفرضها الأزمة الصحية، داعيا جلالته إلى إعادة ترتيب الأولويات، وبناء مقومات اقتصاد قوي وتنافسي، ونموذج اجتماعي أكثر إدماجا.
وقال جلالة الملك في الخطاب السامي الذي وجهه جلالته ، امس الأربعاء، إلى الأمة بمناسبة الذكرى الحادية والعشرين لعيد العرش” نوجه الحكومة ، و مختلف الفاعلين ، للتركيز على التحديات و الأسبقيات ، التي تفرضها المرحلة”، مشددا جلالته على أنه “ينبغي أن نجعل من هذه المرحلة ، فرصة لإعادة ترتيب الأولويات ، وبناء مقومات اقتصاد قوي وتنافسي، ونموذج اجتماعي أكثر إدماجا”.
وحرص جلالة الملك على التأكيد على أهمية إطلاق خطة طموحة للإنعاش الاقتصادي ، تمكن القطاعات الإنتاجية من استعادة عافيتها ، و الرفع من قدرتها عـلى توفير مناصب الشغل ، والحفاظ على مصادر الدخل.
وأبرز جلالة الملك أن ذلك “يقتضي تعبئة جميع الإمكانات المتوفرة، من تمويلات و تحفيزات، و تدابير تضامنية ، لمواكبة المقاولات، خاصة الصغرى والمتوسطة، التي تشكل عماد النسيج الاقتصادي الوطني”.
وأعلن جلالة الملك أنه سيتم ، في هذا الإطار ، ضخ حوالي 120 مليار درهم في الاقتصاد الوطني ، أي مايعادل 11 في المائة من الناتج الداخلي الخام ، معتبرا جلالته أن هذه النسبة تجعل المغرب من بين الدول الأكثر إقداما ، في سياسة إنعاش الاقتصاد بعد هذه الأزمة.
وقد ارتأينا، يضيف جلالة الملك، إحداث صندوق للاستثمار الاستراتيجي ، مهمته دعم الأنشطة الإنتاجية ، ومواكبة وتمويل المشاريع الاستثمارية الكبرى ، بين القطاعين العام و الخاص، في مختلف المجالات، موضحا أنه يجب أن يرتكز هذا الصندوق ، بالإضافة إلى مساهمة الدولة ، على تـنسيق وعقلنة الصناديق التمويلية .
ولضمان شروط نجاح هـذه الخطة، دعا جلالة الملك الحكومة والفاعلين الاقتصاديين والاجتماعيين، للانخراط فيها ، بكل فعالية ومسؤولية ، في إطار تعاقد وطني بناء ، يكون في مستوى تحديات المرحلة ، وانتظارات المغاربة .
كمـا يجب، يؤكد جلالة الملك، الإسراع بإطلاق إصلاح عميق للقطاع العام ، ومعالجة الاختلالات الهيكلية لـلمـؤسسات و المقاولات العمومية ، قصد تحقيق أكبر قدر من التكامل و الانسجام في مهامها ، والرفع من فعاليتها الاقتصادية و الاجتماعية .
ودعا جلالة الملك، في هذا الصدد، إلى إحداث وكالة وطنية ، مهمتها التدبـير الاستراتيجي لمساهمات الدولة ، ومواكبة أداء المؤسسات العمومية .
دعا صاحب الجلالة الملك محمد السادس لمواصلة التعبئة واليقظة والتضامن والالتزام بالتدابير الصحية، أمام التراخي الذي تم تسجيله في مواجهة انتشار فيروس كورونا المستجد.
وقال جلالة الملك في الخطاب الذي وجهه، امس الأربعاء، إلى الأمة بمناسبة الذكرى ال 21 لعيد العرش المجيد ” وجهنا الحكومة لدعم صمود القطاعات المتضررة، والحفاظ على مناصب الشغل، وعلى القدرة الشرائية للأسر، التي فقدت مصدر رزقها “.
ومع ذلك، يضيف جلالة الملك، ” أقول بكل صدق : إن عواقب هذه الأزمة الصحية ستكون قاسية ، رغم الجهود التي نقوم بها للتخفيف من حدتها “.
ودعا جلالته في هذا الصدد ” لمواصلة التعبئة واليقظة والتضامن، والالتزام بالتدابير الصحية، ووضع مخطط لنكون مجندين ومستعدين لمواجهة أي موجة ثانية من هذا الوباء، لا قدر الله، خاصة أمام التراخي الذي لا حظناه “.
وأضاف جلالته ” إن عملنا لا يقتصر على مواجهة هذا الوباء فقط، وإنما يهدف أيضا إلى معالجة انعكاساته الاجتماعية والاقتصادية، ضمن منظور مستقبلي شامل، يستخلص الدروس من هذه المرحلة والاستفادة منها “.
وأكد جلالة الملك أن هذه الأزمة ” أكدت صلابة الروابط الاجتماعية وروح التضامن بين المغاربة ” إلا أنها ” كشفت أيضا عن مجموعة من النواقص خاصة في المجال الاجتماعي، ومن بينها حجم القطاع غير المهيكل، وضعف شبكات الحماية الاجتماعية، خاصة بالنسبة للفئات الأكثر هشاشة، وارتباط عدد من القطاعات بالتقلبات الخارجية “.